قراءة تحليلية لقصيدة الأديب والشاعر الكبير : مصطفى سليمان بعنوان : ... صورة تشبهني ... قراءة : ذ/ العربي إزعبل المغرب .

 قراءة تحليلية لقصيدة الأديب والشاعر الكبير :

     ### مصطفى سليمان ###

في : # صورة تشبهني #

استوقفتني جمالية الخيال الشعري والبعد الحسي الجماعي والإنتمائي علاوة على نوعية وفنية التركيب للجملة الشعرية والتركيز على حبكة متراصة متماسكة تحملك مع الشاعر في نفس طويل غير متسرع نحو تصوير حالة نفسية غريبة جماعية لكن باستعمال أسلوب المتكلم على اعتبار أنه جزء من الكل الذي يتقاسم نفس المعاناة ونفس الأماني وبنفس الألم ...

وأجدني أمام قصيدة يصعب علي فتح مغالقها لأنها تتحدى منطق التفسير والتحليل لمضامينها المتنوعة مبنى ومعنى ....وهنا تطرح أشكالية النقد والتحليل للنص على اعتبار قول " هايدجر ":حيث يضرب مثلا بتفسيره الحواري للنص وتعامله الجدلي معه ...بينما يقوم النص - مثله - بالتجلي وبالتخفي والصمت والإحتجاب ..في تبادل للأدوار ، يجلو " الحقيقة التي يقولها النص") فمحاولتنا تحليل هذا النص لا يعني مطلقا ( كل الحقيقة)بل هو بعضا منها .

ونقف برهة على مدلول عنوان النص : " صورة تشبهني" هذا العنوان مقطوع عن بوح قبله، والدليل هو استهلال الشاعر الجملة الإسمية ب: خبر .وليس بمبتدأ وتقديره " هذه" صورة تشبهني ! ومعناه أن العنوان جاء بعد مخاض نفسي / فكري/ جسدي قبل أول شهقة التي هي ( صورة) وجاءت الصورة " نكرة ' وبعدها جملة فعلية من فعل مضارع وفاعل محذوف وياي المتكلم مفعول به !!! والجملة : تفيد الصفة ...فما الصورة المنعوتة هنا ؟؟ هي الصورة المرفقة بالنص / القصيدة أسفله !!! التي تفيد: الاغتراب/ الإنفصام/ التمزق/ غربة الروح في الجسد/ الألم المبني ع الأمل الذي يأتي أو لا يأتي..! مما ينتج عنه " اعتزال" بالمعنى العام لا بالمعنى العقائدي !! ومضمون قصيدة الأديب الشاعر المثقف الأستاذ: مصطفى سليمان يتلخص في نظرنا المتواضع في : غربة الروح في لحظة تأمل في أوضاع اجتماعية معينة ولحظة بوح نادرة "تستسلم " فيه المشاعر " للقضاء والقدر" لكن دائما في محاولة لاستفزاز الفكر .فكر الآخر لطرح البديل والتحدي و استنهاض الهمم نحو التغيير ( رغم الألم لابد هناك أمل ..!!) 

نتوقف برهة على حبكة النص/ اللوحة الفنية على اعتبار الحبكة نوعا من طريقة التفكير واستجماع له والاستعداد لسماع صوت الداخل الذي يسره شيطان الشعر له 'الإلهام الشعري" فكان استهلال النص على الشكل التالي:

ليلتكم سعيدة .....

ولتصبحوا على وطن

لا تردوا التحية 

فأنا لم أعد أرى ، أسمع

ولا أتكلم !!

(ليلتكم سعيدة) تحيل إلى الظلام إلى السكون إلى الانكماش..إلى الفتور...إلى( عتاب): 

ناموا ولا تسيقضوا 

          فما فاز إلا النوم !!!

لتصبحوا على وطن !! أسلوب استفزازي استهزائي متضمن معنى أوسع من المقول المكتوب إلى " المسكوت عنه المخفي بين نهدي المكتوب !!! 

وتتواصل حبكة النص إلى آخره في جمل شعرية شاعرية : des phrases poétique تختزل المجاز والاستعارة ( التخفي والممانعة" لتصل إلى الفتح والرتق 

حيث يقول :

ليلتكم سعيدة

ولتصبحوا على وطن 

فأنا لم أذق طعم النوم 

منذ أن نام طفل 

وتجمد راحة كفه الحجر ...

لا تلوموا طفلا

إن هو تنكر لكم 

وأعلنها ...أنه من الغجر ....!!!

هنا تكمن بلاغة الإختيار للقفل / الختم الذي سيترك نبرات نبض حي في مسمع ونفس المخاطب/ المتلقي للنص : القارئ له ..نفس عميق وعفوي ينطلق قويا في الاستهلال ليضعف إلى حدما في آخر القصيدة ..

  لعب الشاعر لعبته الأدبية التعبيرية الفنية في هذه القصيدة على وتر ونبر الحروف والألفاظ المؤدية إلى إبراز المحتوى بقوة على النبر الموسيقي الخارجي مما أعطى القصيدة بعدا ايجابيا احيانا وأحيانا أخرى بعدا ادراميا قاسيا ..

كما اشتغل على لغة " السهل الممتنع" لتصل الرسالة/ للمرسل إليه/ المخاطب في قالب شعري راق وبديع ....

هنا أقف لحظة لأقول : هذه قراءة لا تعني بالضرورة حقيقة ما قاله الشاعر / الأديب بل هي محاولة الاطلالة على بعض جوانب النص ..ولكل قراءته والله الموفق. 

  تحية تقدير واحترام لشاعر كبير نعتز به؛ منحنا لحظة إبداع ندعو له بموفور الصحة والعافية وطول العمر........تحياتي والود. 


- نص القصيدة :


”””” صورة تشبهني ““““


... ليلتكم سعيدة 

و لتصبحوا على وطن ... 

لا تردوا التحية 

فأنا لم أعد أرى ، أسمع 

و لا أتكلم 

... لا أنام ، لا أحلم 

و ليس لي وطن ... 

أهديكم نومي بأحلامي 

إن حل مضارب سهادي 

فكله ... ما سأملك 

و بعض الأمل في أمل 

أودعته حقيبة السفر ...

فكم كنت ساذجا 

أني إذا نمت 

شيَّدَت لي النجوم بيتا 

و أهدتني قلبا بنبض الوطن ... 

و كلما أنَّ وجداني 

من تصحر المشاعر 

سيهطل المطر ... 

و أنا المنتظر كل المطارات 

لا أحمل مظلة 

و كل مطار يرميني لمطار 

و لا أحد يكترث لصورة 

تشبهني أحيانا 

و أحيانا تتنكرني 

تختفي فقط لكي تظهر ... 

تظل اليد ممدودة لكل معارفي 

و يتجاهلونني في جواز السفر ... 

... ليلتكم سعيدة 

و لتصبحوا على وطن ... 

فأنا لم أذق طعم النوم 

منذ أن نام طفل 

و تجمد راحة كفه الحجر ... 

لا تلوموا طفلا 

إن هو تنكر لكم 

و أعلنها ... أنه


من الغجر ... !!! 


- سبق و نشرتها. 


مصطفى سليمان / المغرب.

Commentaires

Posts les plus consultés de ce blog

رائعة من روائع/ابن سورية/للشاعر /د جمال إسماعيل الجمهورية العربية السورية

من روائع المحاكاة للثنائي / الشاعر/علي عبود المناع /والشاعر/خالد محمد إبراهيم

رائعة من روائع/ "مذاقُ الجوى"/للشاعر المتمكن/ نظام صلاح/ فلسطين