"قراءة عجولة في نص الشاعر المصري " احمد نصر الله "


قراءة عجولة في نص الشاعر المصري " احمد نصر الله "


النص :


أمام الباب

خلف وجومي

مثل غيمة منفية من أناشيد الرماد

أنفض التاريخ عن ذيلي جامعا

حطام الأرض في رأسي

أداعب قبعتي المحترقة بالمطر اللئيم

أضرب بلافا الفراغ

شجرة الحلم النائمة على كفي

علها تكون فرصتي الاخيرة

لحصاد عينيك الطازجتين

بدهشة تليق بالموت الزاحف على صدري

كعقرب مستاء من رائحة الحنين

البرد له أنبياء مخلصون

وشفتاك ليس بإمكانهما احتواء

الغرق بكامل غروره

أنا وخريفك الحزين

نشبه الكمان في مقطع ألم

مضطهد صوتي

ولا أدري كيف أقنع الرمل

بالنخيل المتأهب في صوتك

على فمي تيبست

شهقة نهار مريضة

أحبك بوسعها شطري

لسؤال جاحد واحتضارين أعميين

فكيف أصمد طويلا

أمام هذا الهديل

لست سيزيف الأخير

لكن تلك القطة لا تكف عن جري للسراب

من فوهة العزلة

يتقاطر آذار عناقيد خيبة

وفوق رأسي يتصدع البحر

فيتسرب الرمل إلى رئتي

لاشيء ياعزيزتي

تحت معطفي غير الريح

وصورة فوتوغرافية وحيدة لجدتي

التي صفع الضباب أغانيها الاثيرة

لا أنوي قلب اتجاه الوقت

لكن هل لهذا القبر أن يضحك ثانية

عنقي يمتد لقهر دون مصب

كل الطرق ليس لها

على الضاد شرفة

فكيف أغض الطرف

عن جثة النهر المسجي

على بعد دمعتين من عتمتك الحارقة

أيها الوجع الأليف

أمنح الآهة فما

فأنا بحاجة مثل

أي سحابة جريحة

للصراخ في وجه الطريق

,...............................................


القراءة



تتكئ ظاهر البنية الدلالية للغة النص على مفهوم التوتر ،على مستويين متقابلين هما :

1 ـ مستوىً اشاراتي كما في هذه التضادات ( سأوجز في الاستشهادات لضيق المجال) :

امام / خلف ، انفض / اجمع ،. المحترقة / ثمطر ، مضطهد ( استسلام ) / متأهب ( إقدام ) الرابط الدلالي بينهما تخصيصهما بذات الاشارة (صوت) ؛ الاولى بالاضافة، والثانية بالجار والمجرور ،الرمل/ النخيل ( تضاد في حقليهما الدلالي ) ، القبر ( رمزية الحزن ) / يضحك ، الطرق ( امتداد افقي ) / شرفة ( امتداد شاقولي ) ، عتمة ( انطفاء )/ حارقة ( توهج ) ..... الخ

2 ـ مستوىً معنوي : 

أ ـ معجمي ، بلاغي كما في : 

امام الباب ، اداعب قبعتي ، حطام الارض ، فرصتي الاخيرة ، انبياء مخلصون ، خريفك الحزين ( استعارة ) ، لاشيء ياعزيزتي ، كامل عبارة ( وصورة فوتوغرافية وحيدة لجدتي) ، اغض الطرف ،أغانيها الاثيرة ، بحاجة .... للصراخ ..، الخ

ب ـ ازاحاتي بنوعيها الدلالي والتركيبي كما في :

خلف وجومي ، أنفض التاريخ ، عبارة ( ...احتواء.. الغرق بكامل غروره)،

أقنع الرمل ، القطة لا تكف عن جري للسراب ، جثة النهر ، عتمتك الحارقة ، سحابة جريحة ..... الخ

وهذا التوتر يتعالق مع حالة القلق الشعوري / اللاشعوري ، المهيمنة على ذات الشاعر الداخلية ، ويوسع من مديات الفضاء ( النفس ـ المكزماني ) الذي يتموضع داخله الحدث النصي في صيرورته المعنوية حتى بلوغه تكامليته النهائية ، بسياقات دلالية داخلية شذ عنها مقامية سياق الاشارة " سيزيف " بتوظيف رمزي وُفق الشاعر به لتعميق دلالة ضدية المعنى كذلك ، فسيزيف يرمز لمن حلت علية لعنة لافكاك منها ( الهية ) ويرمز في نفس الوقت الى العناد والاصرار على بلوغ الغاية ( قمة الجبل )، والمقطع النصي الاخير : (فأنا بحاجة مثل

أي سحابة جريحة

للصراخ في وجه الطريق)

يوحي بذينكا المعنيين ، فالشاعر لما يزل ( بحاجة ) اي انه لم يبلغ مايرجوه بعد ، وهي تلك القدرة على (الصراخ ) وما يرمز اليه من دلالات الغضب ، الاحتجاج ، التمرد ومرادفاتها ، ليعلن ( في وجه ) جاهراً برفضه قهرية ( بدلالة : منفية ، اناشيد الرماد ، حطام الارض ، شجرة الحلم النائمة ، الموت الزاحف على صدري ، مقطع ألم ، شهقة نهار مريضة ، هذا القبر، عنقي يمتد لقهر ، جثة النهر ، دمعتين من عتمتك ... الخ ) من تحكم بالاسباب / الوسائل ( كل الطرق ) ، التي توصله لتحقيق غايته بعناق محبوبته ( حصاد عينيك الطازجتين ) ، وهي اشارة اشعائية المعنى فقد تعني / الحياة ، الحرية ومرادفاتهما .

باسم العراقي 

Commentaires

Posts les plus consultés de ce blog

رائعة من روائع/ابن سورية/للشاعر /د جمال إسماعيل الجمهورية العربية السورية

من روائع المحاكاة للثنائي / الشاعر/علي عبود المناع /والشاعر/خالد محمد إبراهيم

رائعة من روائع/ "مذاقُ الجوى"/للشاعر المتمكن/ نظام صلاح/ فلسطين