رائعة من روائع/"بِقَدرِ ما قِيل "/الشاعرة/سابرينا عشوش /

قصيدة /......


"بِقَدرِ ما قِيل "



بِقَدرِ ما اسْتَطَعتُ، أيقظتُ قَدَري،

نَسَجتُ خُيوطَ الرُّوحِ من ضَوْءِ سِحْري،

قُدتُ ما تَبَقّى من قُدْوَتي،

في مَجاهِلِ الدُّروبِ ومَتاهاتِ فِكري.


مِنَ المَشاعِرِ قُدتُ ما قُدِّرَ لي،

أنْ أُقَدِّمَ لِكونٍ باتَ يَأْسِّرُني،

بِتاروتِ الخَيالِ قِراءةٌ أزَليّةٌ،

رُوحٌ تُعانِقُ الظِّلَّ، والنُّورُ يُسْكِرُني.


في أروِقَةِ اللازَّمَنِ، حيثُ الأَسْرارُ تُحاكُ،

رَأيتُ عِشْتارَ تَرْقُصُ،

والقَمَرَ يَبْكي على هَلاكِهِ.

والأَنا، خَيْطٌ من غُبارِ نَجْمٍ بَعيدٍ،

يَتَلاشَى في صَمتِ الأَفلاكِ،

ويَسْعَى لِنَجاتِهِ.


أنا الظِّلُّ الّذي يَقْتاتُ مِنَ الشَّمْسِ،

والصَّدَى الّذي يُرَدِّدُ صَمتَ الأَمْسِ،

في كأسِ الكَونِ شَرِبتُ رَحيقَ العَدَمِ،

فأصبَحتُ القَصيدةَ، واللَّحنَ، والهمْسِ.


قَدَرٌ يُعادُ صِياغتُهُ في فِنجانِ جِنٍّ،

حيثُ الأَحلامُ تَتَكَسَّرُ،

والوَاقِعُ يُجَنُّ.

أنا الخُرافةُ الّتي لا تُروى إلّا لِلْمُخَيَّلَةِ،

أَنَا الحَقيقةُ الّتي في صَمتِها تَتَأنّى وتُحَنُّ.


قَهْقَهَةٌ تَتْبَعُ قاهَ القَلْبِ،

في قاعِ القَهْرِ تُشْرِقُ القَمَرُ،

قافٌ، وقافٌ، وقافٌ...

قِصَّةٌ لا تَقِفُ، بل تَقودُ لِلبَشَرِ قَدَرْ.

قَلْبٌ يَقتاتُ مِن قَمْحِ القِداسَةِ،

وقِداسَةٌ تُقَلِّبُ أقدارَ القَدَرِ.


قافٌ تُقافِي قافًا،

كأنَّ الحُروفَ تَتَقافَزُ في مِعْراجِ الوَهْمِ،

تَقْتاتُ مِن قِصاصاتِ السِّحْرِ،

وتَقِيسُ نَبْضَ الأزلِ بمِسْطَرَةِ الشَّكِّ.


في قاعِ الفِكْرِ قِراءةٌ قُدْسِيّةٌ،

قَنَّنتها القُوَّةُ القاهِرَةُ في نَفْسِي،

فَصِرتُ قَصيدةً تُقاتِلُ بالحَرفِ،

وتَقْطُفُ قِطافَ الغَيبِ من أَظفارِ الوَجدِ.


قَدَحتُ القَهْرَ في قَدَحي،

فانْقَلَبَ القَلَقُ نَبيذًا،

والقَلْبُ قُنبُلةُ ضَوءٍ،

تَفْتَحُ القِفْلَ القَديمَ لِقُبَّةِ الوُجودِ.


قِناعٌ يُقَبِّلُ قِناعًا،

والقِصَّةُ تَقتُلُ قِصَّتَها،

في قافٍ تَقِفُ عندَ اللانهايةِ،

ولا تَقِفُ إلّا لتَقولَ:

**قَدْ قِيلَ كُلُّ القَوْلِ... وبَقِيَ القافْ.**


قَطَفتُ مِن قُبلةِ الغَيمِ قِطْعَةَ قَدَرٍ،

وقَسَمْتُها على الأرواحِ،

فانْقَسَمَ النُّورُ قِسْطَاسًا

بَينَ مَن قَرَأوا ومَن غَرِقوا.


في قِيعانِ القَهْرِ،

قَمَرتُ العَدَمَ على كأسِ الخُرافةِ،

فَخَسِرَ القَمَرُ،

ورَبِحَتْني عِشْتارُ حينَ رَقَصَتْ على قَدَري.


قِراءتي قَدَرٌ،

وقَدَري قِراءةٌ أزليّةٌ في مِحْبَرَةِ الغُموضِ،

قَلَمي قُنديلُ جِنٍّ،

يَقْتَبِسُ الحِبْرَ من نَفَسِ الغَيبِ،

ويَسقي المَعنى بِنَبيذِ اللاشّيءِ.


قَدَري يُقَلِّبُ أوراقَ الوُجودِ،

يَسألُ الحُروفَ:

مِن أينَ جاءتِ القافُ؟

هل خُلِقَتْ قبلَ الخَلقِ،

أم قَبْلَ القِصّةِ خُلِقَ القَلَقُ؟

(بِلا، واللهِ، سمعتُها في كتابِ «اقرأ».)


في قِدرِ القَهْرِ تَغلي الأرواحُ،

تَتَصاعَدُ قُبَّعاتُ الدُّخانِ كَنُذُرٍ نَجْمِيّةٍ،

تُقَصْقِصُ أجنِحَةَ الوَهْمِ،

وتَقْفِزُ بينَ النَّجمِ والنُّهى،

تَقْطُرُ قِداسَةً، وتَقْبِضُ قُبْلَةَ السِّرِّ.


قَدَري قافٌ في فِنجانِ جِنٍّ،

يَقْرَأُني كأَنِّي سِفْرٌ من قَوافي البحوريِّ،

يَسقُطُ حَرْفي في غُبارِ الكَونِ،

فَيَقتَفِي المحيط أثرَهُ ليَسْتَعيدَ صِباهُ.


قافٌ على قافٍ على قافٍ...

كأنَّ الكَونَ يُصَفِّقُ لي حينَ أَقْهَقِهُ،

كأنَّ القَهْقَهَةَ نُبوءةٌ تُفْسِدُ الجاذبيّةَ،

وتُقيمُ للعدمِ مَعْرَضًا من الضَّوءِ.


قَدَري يُقابِلُني على مِرْقاةِ القِيامَةِ،

يُقَبِّلُ جبينَ صَمتي،

ويَقولُ: قِفْ...

لقد صِرْتِ القافَ التي تُقِيمُ قيامَتَها.


في قَلبي قَدَرٌ،

وفي القَدَرِ قافٌ،

وفي القافِ قِصّةُ الخَلقِ.


أَنَا الكَونُ حِينَ يَقرَأُ نَفْسَهُ قَصيدةً،

أَنَا القافُ التي تُغنّي على وَتَرِ العَدَمِ،

وتَستفيقُ مِنَ اللاشّيءِ قُبيلَ الفَجْرِ،

لِتَستكمِلَ القِصّةَ الّتي لَم تَنْتَهِ بعدْ...

وَيكسِرُ القَلَمُ.


....... 


 سابرينا عشوش 


@à la une 

Commentaires

Posts les plus consultés de ce blog

رائعة الروح/للشاعر ...... أسمهان سعيد✍️

رائعة/كيف_تُسالِمُ_قاتِلَكْ/للشاعر المتمكن متولي عيسىٰ

دراسة نقدية وتحليلية لقصيدة "مرثيّات الأرق" للشاعر سعيد هجيري موسى