رائعة من روائع / "حُبّي غيرُ مؤلوف"/للشاعرة :سابرينا عشوش
قصيدة/.....
"حُبّي غيرُ مؤلوف"
أنا أُحبّ الذي لا يكاتفُ الظلال،
ولا يتركُ لقلبي مقاعدَ احتياط
في صدرِ رجل مزدحم.
أنا ابنةُ البصيرة،
أتلمّسُ الصدقَ كما تتلمّسُ العمياءُ
لهيبَ النور،
وأؤمن بأن الرجولة
تبدأ من كتفٍ واحد
يسندُ معنى واحدًا
لا يتشعّب.
أُحبُّ الرجلَ الذي
لا يُصافحُ أنثى على حافةِ الضجر،
ولا يكاتفُ “صديقةً”
تتدلّى من عذرٍ هشّ
كالضوء المرتجف.
أريده وحيدَ العشرة،
ككاهنٍ يحرس محرابَه
من أنفاس الغرباء.
أحبُّ الذي إن مرّت امرأة
غضَّ بصره،
عفيفٌ رغم قوّته،
قويٌّ في ضعفه،
وتقيٌّ يخاف الله.
هو الذي لا يلتفت ليمتحن نبضي،
بل يترك القلوب العابرة
تذوب خارج حدوده
كثلوجٍ لا أرض لها.
كبريائي ليست قشرة،
بل مرآةٌ من صخرٍ فلسفيّ
تعكسُ ما يليق،
وتُسقط من يجهل
أن العاشقة
لا تُسكن في بيتٍ
بنوافذ كثيرة
وأبوابٍ بلا سرّ.
أنا عذراءُ العقلية،
أحرسُ حدودي
كما تحرس اللبؤة صغارها،
وأشير إليه—إن كان هو—
ليقترب،
وأُبعد الكون كلّه
إن جاء يكاتفُ امرأةً
تحت شعار الصداقة.
أُحبُّ الرجل الذي يمشي بكتفٍ مرتفع،
لا ليكبر،
بل ليظلّ صافياً،
ولأكون أنا
اليد الوحيدة
التي تلامسُ ظلَّه.
وحين يعزّ نفسه… أرفعه بنبضي.
أعزّزُ وقفته بنظرة
تعيدُ ترتيب المجد فوق كتفيه،
كما تعيد الرياحُ شأنَ النخيل.
وأدلله برعشة
لا تشبه ضعفًا،
بل اعترافًا صامتًا
أن الوفاء لا يكتمل
إلا إذا وجد مرآته
في قلبٍ لا ينحني.
ذلك الذي يرفع نفسه
فلا يتدلّى في حضرة النساء،
أرفعه أنا أيضًا
لا سهوًا، بل قصدًا،
وليس بيدٍ تُصفّق،
بل بقلب
يُطلق وقارًا
يعادل ألف قصيدة.
أنا لا أحب الرجولةَ المتروكة في الطرقات،
المنثورة كفتاتٍ للمارّة،
بل أحبّ التي تعرفُ قدرها،
وتجعلني حين أقترب
أرتعشُ
كأنني أشارك نجمًا
في اعتلاء سمائه.
وأعلم أني لستُ امرأةً
تُؤخَذُ كخاطرٍ عابر،
ولا ظلًّا يُعَبَّر فوقه ثم يُترك.
أنا التي إذا أحبّت
كتفت ورفعت الرجل
كما تُرفع السيوف
في مواسم الانتصار،
وإن عشقت
غذّته بنورٍ
ينامُ بين أضلاعها
ولا يضيع.
أنا قليلة الكلام،
لكنّي كثيرةُ الحقّ،
ثقيلةُ الحضور
على من يجهل
أن ولاء روحي
سماءٌ كاملة
لا يهطل منها إلا المطر.
وأريده هو…
الرجلَ الذي لا يكاتف أيُّ تاء للتأنيث ،
ولا يكسرُ وقارهُ لأجل صوتٍ عابر،
الذي إذا وقف
وقف ومشى معه التاريخ
في تفاحة آدم .
ذلك الشهم…
إن رفع نفسه رفعتُه،
وإن اعتز بكرامته
زدتُه عزًّا،
وإن اقترب مني
أسكنتُه قلبي
كما تُسكَن الممالك
في خرائطها.
فإن لم يكن هو
فلا حاجة لي به.
وإن كان…
فليعلم أنه وجد حواء
لا تُشبه أحدًا،
ولا تفتح قلبها
إلا لمن يليق
بأن يكون
وحيدَ نعمتها،
وحيدَ ظلّها،
وحيدًا في حضرة أنوثتها.
سابرينا عشوش
@à la une
Commentaires
Enregistrer un commentaire